«ألمانيا المُنقسمة» تزيد حدة الخلافات بالاتحاد الأوروبي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تشهد عملية صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي توترات غير مسبوقة، حيث تصاعدت الخلافات الحزبية داخل ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، مما أدى إلى تعطيل العديد من الاتفاقيات المهمة على الساحة الأوروبية، إذ تحولت برلين إلى ساحة معركة سياسية، حيث تنازعت الأحزاب الثلاثة المشكلة للائتلاف الحاكم حول قضايا رئيسية مثل المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتعزيز الاقتصاد وكبح ارتفاع أسعار الطاقة.

خلافات داخلية تعرقل السياسات الأوروبية
انعكست هذه الخلافات الحادة على مستوى الاتحاد الأوروبي، حيث اضطرت الحكومة الألمانية إلى تأجيل أو إلغاء بعض الاتفاقيات في اللحظات الأخيرة بسبب عدم قدرتها على الحفاظ على موقف موحد. 
لعب حزب الديمقراطيين الأحرار، أصغر حزب في الائتلاف، دورًا مزعزعًا للاستقرار، حيث سعى إلى إحداث صدمة سياسية في محاولة للبقاء ذا صلة وسط تراجع شعبيته.

ويعد الاعتراض على الاتفاقيات في المراحل النهائية من العملية التشريعية الأوروبية انتهاكًا للأعراف الراسخة، حيث كان من المفترض أن توافق الدول الأعضاء على هذه الاتفاقيات بشكل روتيني، أثارت هذه الممارسة مخاوف حول مستقبل صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي والتزامه بالاتفاقات المتفق عليها.

عرقلة جدول أعمال الاتحاد الأخضر
تحمل هذه الخلافات تداعيات خطيرة على جدول أعمال الاتحاد الأوروبي الأخضر، الذي تضرر بشكل كبير من الاعتراضات في اللحظات الأخيرة، حيث فشلت القواعد الجديدة لإعادة تأهيل الأنهار والغابات والبحار المتدهورة في أوروبا في الحصول على الموافقة بسبب معارضة حزب الديمقراطيين الأحرار.

هذه الممارسات آكلت سمعة ألمانيا كشريك موثوق في المفاوضات الأوروبية، حيث أصبحت غير قادرة على الالتزام بالاتفاقيات التي ساهمت في التفاوض بشأنها. 
قال دبلوماسي أوروبي إن ألمانيا "أضاعت سمعتها للموثوقية والقابلية للتنبؤ التي بنتها على مدى عقود قليلة في غضون أسابيع قليلة."

استغلال سياسي للغضب الشعبي
في الوقت نفسه، حاولت المعارضة اليمينية المتطرفة في البرلمان الأوروبي استغلال الغضب الشعبي تجاه القواعد البيئية الصارمة، من خلال حملات أخيرة اللحظة لإسقاط التشريعات قيد المناقشة، بما في ذلك قواعد انبعاثات التلوث الصناعي، إذ تهدف هذه الجهود إلى كسب أصوات الناخبين الريفيين المتضررين قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في يونيو.

يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات غير مسبوقة في عملية صنع السياسات بسبب الخلافات الحزبية الألمانية الحادة. يتعين على برلين استعادة دورها كشريك موثوق وملتزم بالاتفاقيات المتفق عليها، وإلا ستواجه صعوبات متزايدة في التوصل إلى تسويات على الساحة الأوروبية، مما يهدد بتعطيل جدول أعمال الاتحاد الأخضر وغيره من المبادرات الرئيسية.